نماذج 

"فريدة" ربة منزل تبلغ من العمر 41 عاماً، تدخن بشراهة في منزلها ولا تهتم إن كانت تمارس هذه العادة أمام أطفالها، قالت متحدثة عن تجربتها مع التدخين: تعلمت التدخين عندما كنت في السابعة عشر من العمر من إحدى الطالبات في مدرستي، ولكن عندما تزوجت في سن الثامنة والعشرين انقطعت عنه فترة قصيرة قبل أن أعود مجدداً لأمارس التدخين من جديد".

وأوضحت أنها تمارس هذه العادة من أجل التخفيف من أعباء الحياة –على حد تعبيرها-، مشيرةً إلى أن تدني أحوال أسرتها المعيشية جعلها تعود للتدخين رغم أنه يستنزف أموالاً طائلة منها.

ونوهت إلى أنها لم تكن تتوقع أن يؤثر تدخينها أمام أطفالها على سلوكهم وأن يدفعهم هذا للتدخين سراً في الحمام وخارج المنزل تقليداً لها.

أما "أم ياسر"، فتقول إنها استمرت تمارس التدخين لمدة 13 عاماً، حتى وصلت إلى قناعة ضرورة تركه في أقرب فرصة ممكنة، لأنها باتت تؤثر صحياً واجتماعياً على أسرتها بشكل كبير.

وأوضحت أنه إلى جانب اكتشافها غرق أطفالها بتدخين "السباريس" (أعقاب السجائر)، رأت أن تدخينها الطويل أمامهم أكسبهم صفات غير أخلاقية ومذمومة، وجعل بعضهم يصاحب الفتيات عبر الإنترنت والهواتف المحمولة.

وأضافت "أم ياسر" -التي امتنعت مؤخراً عن التدخين وأعلنت توبتها-: آثار التدخين تمتد إلى ما هو أبعد من الضرر الصحي والاقتصادي، لتصل إلى القيم الأخلاقية في المجتمع، ودفع المدخنين للسرقة أحياناً من أجل الحصول على سجائرهم، ومن هنا يجب أن نعلم أن المسلك الخاطئ يقود إلى مسالك خاطئة كثيرة".

آثار وأضرار

وفي ذات السياق، يرى أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة الأقصى، بغزة، د. درداح الشاعر، أن التدخين يعد سلوكاً منفراً من ناحية شخصية واجتماعية ونفسية وشكلا من أشكال الانحراف الاجتماعي، مشيراً إلى أن المجتمع الفلسطيني لا يتقبل أن تسلك المرأة مسلك الرجال بالتدخين.

وقال الشاعر لـ"الاستقلال": التدخين ليس مقبولاً للرجال فكيف هو للمرأة؟ فهذا يتنافى مع أنوثة المرأة والفطرة التي خلقت عليها, وهو فعل بعيد عن الأخلاق والذوق والآداب الاجتماعية"، مؤكداً أن مجتمعنا الفلسطيني، يلفظ تلك الأفعال من المرأة لأنه يتوقع منها أن تكون القدوة الحسنة لأبنائها وذات أدب رفيع، ومصنع الرجال والشهداء والأسرى والمجاهدين.


ولكن هل يعد تدخين المرأة حرية شخصية لها؟، أجاب الشاعر: الإنسان حر فيما لا يضر، فإذا ما كانت حرية الإنسان تسبب ضرراً للآخرين ولنفسه أيضا فلا حرية له, لأنه يعتدى على جسمه وهو ليس ملكه، هو ملك لله وللمجتمع المسلم ولشعبه".

وبيّن أن المرأة ليست حرة في تدخينها بمنزلها وسط أطفالها، لأنها تسبب أضراراً أكبر من الأضرار التي يسببها الرجل في تدخينه، فهذه الأضرار تتضمن مخاطر اقتصادية واجتماعية وصحية ونفسية وتؤثر على صحة الأبناء أيضاً.

ولفت الشاعر النظر إلى أن الأسرة التي فيها امرأة مدخنة، غالباً ما تكون أسرة مفككة أفرادها تائهون, ولا تأتمر بمعروف ولا تنهى عن منكر، "ويعود ذلك إلى أن ست البيت المدخنة لم تعد قدوة أطفالها الحسنة, بل هي أخطأت بحق شعبها، فالأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق، وهى الأسوة الحسنة المتوقعة لأولادها وشعبها".

ونوه إلى أن الطفل من الممكن أن يتقبل رؤية والده وهو يدخن رغم خطورة هذا الأمر، ولكنه لا يمكن أن يتقبل رؤية أمه تدخن دون أن يتعلم منها ويصبح مدخناً مثلها، مؤكداً أن مجاهرة المرأة بالتدخين في الأماكن العامة يخل بالنسيج الاجتماعي.

ولدى تجديد التأكيد أن التدخين للرجل والمرأة هو عادة مكروهة وغير محبذة، دعا أستاذ علم النفس الاجتماعي المرأة، لأن تكون القدوة الحسنة لأطفالها بسبب قربها منهم عن والدهم، وتجنيبهم مخاطر اجتماعية وصحية جسيمة.